فى الماضى, عندما كنت صغيرة, كنت أدرك تماما أنه يوجد صلة رحم تجمع بيني وبين الشخص الغريب" ، كان اعتقادى راسخا بأنّ هذا "الاخر" الذي اجهل اسمه وعنوانه يكون حتما ابن عمى او ابن خالتي. فمن البديهي بالنسبة لي أنّه هناك دائما بداية لكل شيء. كان عقلي البريء يعي تماما أنّه في بداية البداية كان هناك" أب و أم" جمعتهم المودة فأثمروا كل هؤلاء الناس الذين اتواجد معهم على نفس هذه الارض و تحت سقف نفس السماء. كنت احدّق في ملامح المارة بدهشة الاكتشاف الاوّل حتّى اتقصّى وجوه الشبه بينهم و بينى او بينهم و بينى افراد عائلتى الصغرى ...حلمت برسم شجرة العائلة الانسانية حتى أتمكن من خلالها إلى وصل الأرحام .
إذ أني لم أكن استوعب لماذا رغم حتمية القرابة التي بيننا لسنا أصدقاء مع كل الناس؟ لماذا يتصرف الناس ببرودة و جفاء بين بعضهم البعض؟ لماذا تفصلهم الجهويات و الجنسيات و تفرقهم الاحزاب في حين انهم فى الحقيقة متصلون ببعضهم البعض؟ ولماذا ننطق بلغات مختلفة؟ ماذا حصل حتى فرقتنا الحدود الجغرافية؟ لماذا لم يفكر رسّامو الخرائط الجغرافية أن يرسموا خارطة إنسانية حتى يستطيع من خلالها أن يرى كل شخص جمال صورته في وجه الآخر ويدركان في انعكاس الصور أن الشخص الغريب ليس غريبا